السلام عليكم
الذي جعل العرب لا يميلون الى التفكير ولا يبدعون في هذا العصر هو محنة
النموذج الغربي الجاهز ، والذي يحتاج فقط إلى التقليد .. ولكن التقليد لا
يخلق التفكير ولا الابداع ، و صار الصراع هو على هذا التقليد و ما معوقات
التقليد الغربي .. و كيف نقلد باسرع وقت ! الشخص إما أن يكون مقلدا أو
مفكرا, والأمة كذلك إما مقلدة أو مفكرة, لأن التقليد ينافي التفكير,
والتفكير يبعِد عن التقليد.
تصوروا امة يـُطلب منها التقليد ولا يطلب منها التفكير ! فكيف سينشأ
التفكير فيها؟ بل يـُحارَب التفكير بتهمة رفض النموذج الجاهز, سواء كان
تراثيا أو ليبراليا مستوردا , بحيث تلتقي التقدمية مع الرجعية في كبت
العقل, والأكثر اعتدالا -على حسب قولهم - يقدمون نموذجا توفيقيا -أو
تلفيقيا إن شئت- ، فيأخذ من هذا الصندوق ومن ذاك الصندوق ليقدم صندوقا
ثالثا للأفكار المعلبة, سواء في الأدب أو في السياسة أو في الاقتصاد او في
الفن أو في الدين أو في الاجتماع...إلخ, و كلنا يعرف هذه الصناديق الثلاثة
التي لا رابع لها مع الأسف , و هي صناديق العقل العربي المعلب المعاصر ..
بضاعة تختلف مصادرها بين المحلي الخالص والمستورد الخالص و المركب من
الاثنين, و المدارس الأدبية في الأدب العربي و في العصر الحديث تقدم صورة
واضحة لهذه الصناديق الثلاثة - لأن الأدب صورة لواقع أي أمة - فمدرسة
الإحياء و مدرسة التغريب و مدرسة توفيقية .. وهكذا في كل مجال , وما سوى
هذه الصور الثلاث يعتبر تجديفا وليس تفكيرا , وتتآزر هذه القوى الثلاث على
وأده ! كلٌ يقدم نموذجا جاهزا, على اعتبار ان ذلك النموذج كامل وغير قابل
للنقاش ولا مراء في جودته.
التقليد التقليد ، و سرعة التقليد .. و كل من اراد ان يناقش او يفكر فهو داعية للتخلف ، فالتفكير تخلف والتقليد ليس بتخلف!!