في لقائه مع قرابة مائة صحفي عربي واجنبي اثناء الاحتفال بالذكرى الاربعين
لقيام دولة اتحاد الامارات العربية المتحدة في مطلع الشهر الحالي قال وزير
الخارجية الاماراتي الشيخ عبد الله بن زايد.. ان من حسن حظ العرب ان مجلس
التعاون الخليجي ظل قويا في هذا الربيع العربي والا لساء الوضع العربي
اكثر. وكان يقصد بذلك ان تكتل الدول الخليجية هو ما تبقى من التضامن
العربي وظل يتحرك لاحتواء تداعيات الوضع المضطرب في كثير من الاقطار
العربية. وعندما سئل من قبل الزميل سلطان الحطاب من الاردن حول سبب عدم ضم
الاردن الى المنظومة الخليجية قال «أؤكد لك ان الاردن سيحظى بعلاقة متميزة
جدا مع مجلس التعاون اقل قليلا من العضوية الكاملة».
يوم امس الاول دعا الملك عبد الله بن عبد العزيز قادة مجلس التعاون
للانتقال من مرحلة التعاون الى مرحلة الاتحاد في نقلة نوعية لاضفاء طابع
وحدوي على الدول الخليجية التي تتوجس خيفة من التطورات الدولية سياسيا
وماليا وتتعرض لاخطار اقليمية وداخلية تستهدف وجودها ليس كأنظمة ولكن كأرض
ودول وربما كانت هذه الفكرة اي الانتقال الى الاتحاد السبب الذي أجل
انضمام الاردن والمغرب.. وهنا لا بد من الاشارة الى أن التجربة الاتحادية
العربية الوحيدة الصامدة حتى الآن هي التي أسسها الشيخ زايد في الامارات
وكان يطمح منذ البدء أن يكون الاتحاد تساعيا وليس سباعيا اي بضم البحرين
وقطر لكن تجربة الاتحاد الناجحة ربما شجعت الدول الخليجية الآن على ضرورة
الاتحاد لأن الأحداث العاصفة في العالم العربي لم تبق على مرجعية عربية
الا مجلس التعاون بعد اضمحلال الجامعة العربية بل ان الجامعة حاليا تسير
بقوة الدفع الخليجي وليس العربي الشمولي.
كانت فكرة مجلس التعاون وحدوية في الاصل كسوق خليجية مشتركة مبدئيا..
وطرحت في مداولات ثنائية شارك فيها العراق وبلورها امير الكويت الحالي
الشيخ صباح الاحمد الذي كان محرك الدبلوماسية العربية آنذاك كوزير
للخارجية.. وطرحها في جولة خليجية واعطتها الحرب العراقية الايرانية زخما،
ولعبت الحرب دورا في استثناء العراق منها حتى لا تكون الدول الخليجية طرفا
في حرب مع انها دعمت العراق عسكريا وماليا ولوجستيا كشريك في الحرب. وربما
ايضا ان وجود حدود بين الاردن واسرائيل من اسباب عدم ضم الاردن لمجلس
التعاون حتى لا تكون لدول الخليج حدود مع الكيان الاسرائيلي ما يضيف اليها
تحديات جديدة هي في غنى عنها.
ومهما يكن فان الاتحاد الخليجي بات ضرورة خليجية من جهة وعربية قومية من
جهة اخرى لأن تسلسل الأحداث في العالم العربي مستمر ولن تهدأ كثير من
الاقطار وتستقر الا بعد حين فبعد تسليم الاميركيين العراق لحكومة ذات
توجهات ايرانية واحتمالات انهيار الوضع الداخلي في العراق والاضطراب في
اليمن والتململ الشيعي في كثير من البلدان وتعقيدات الوضع السوري التي
تنعكس على الجوار سلبا ام ايجابا وثبات رؤية هلال جحود السياسة الاميركية
في المنطقة وعقدها تحالفات جديدة مع حلفاء جدد من قوى الاسلام السياسي
التي لها برامج مختلفة داخليا فان الاتحاد الخليجي لم يعد ترفا بل ضرورة
بقاء هذه المنظومة المتجانسة في الحكم والثروات وأعتقد ان التقدير سيكون
لصاحب التجربة الاولى وهو المرحوم الشيخ زايد الذي انجز اتحادا ناجحا بات
انموذجا يقتدى به، فهل ينجح المجلس في أن يتطور الى اتحاد؟