قامت الإمبراطورية العثمانية بالانضمام إلى كل من ألمانيا والنمسا والمجر
في الحرب العالمية الأولى(1914- 1918م) ضد الحلفاء، وتولت أمر فلسطين حكومة
عسكرية عثمانية. وخططت بريطانيا وبعض حلفائها لتقسيم أملاك الدولة
العثمانية فيما بينها بعد الحرب. وطالبت اتفاقية سايكس ـ بيكو 1916م بوضع
جزء من فلسطين تحت سيطرة حكومة حلفاء مشتركة. وعرضت بريطانيا أن تلبي بعد
الحرب مطالب العرب بالاستقلال عن العثمانيين مقابل مساعدة العرب للحلفاء
فيما عرف بمراسلات حسين ـمكماهون. وفي 1916م ثار بعض العرب على العثمانيين
اعتقادًا منهم بأن بريطانيا سوف تساعدهم في إنشاء دولة عربية مستقلة في
الشرق الأوسط. وكانت فلسطين ضمن المنطقة التي وعدهم الإنجليز بها، ولكن
بريطانيا أنكرت ذلك إثر إعلان اتفاقية سايكس ـ بيكو بعد قيام الثورة
البلشفية في روسيا عام1917م.
في سنـة 1917م وفي محاولة منها لكسب
الدعم اليهودي لها في الحرب، أصدرت بريطانيا وعد بلفور. نص الوعد على تعهد
بريطانيا بمساعدة اليهود في إنشاء وطن قومي لهم في فلسطين، دون الإخلال
بالحقوق المدنية والدينية للجماعات غير اليهودية الموجودة في فلسطين. لكن
هذا الوعد يناقض نفسه منذ البداية، ذلك لأن قيام دولة يهودية في فلسطين
يؤدي بالضرورة إلى الإضرار بحق العرب والمسلمين.
وبعد الحرب، قامت عصبة الأمم بتقسيم الكثير من أراضي الدولة العثمانية إلى أراضٍ واقعة تحت الانتداب.
وفي
سنة 1920م تلقت بريطانيا تكليفًا بالانتداب المؤقت على فلسطين يمتد من
غربي نهر الأردن إلى شرقيه. وكان على البريطانيين أن يساعدوا اليهود على
بناء وطن قومي لهم ومساندتهم في إيجاد مؤسسات الحكم الذاتي. وفي 1922م،
أعلنت عصبة الأمم رسميًا أن حدود فلسطين تبدأ فقط من الأراضي الواقعة غربي
النهر.أما المنطقة شرقي نهر الأردن حاليًا، فقد جعلت محمية بريطانية
منفصلة. وقد بدأ تنفيذ الحماية على المنطقتين عام 1923م.
كانت بنود
الانتداب البريطاني على فلسطين غير واضحة، ومن ثم فسرتها أطراف عديدة
تفسيرات مختلفة. واعتقد كثير من الصهاينة أن بريطانيا لم تفعل شيئًا كثيرًا
لدعم شعار الوطن القومي اليهودي. وقد سعى الإنجليز إلى بناء مؤسسات الحكم
الذاتي، كما تقتضي مهام الانتداب. لكن عروضهم لمثل تلك المؤسسات كانت غير
مقبولة من قبل العرب، وبذلك لم تظهر مؤسسات الحكم الذاتي إطلاقًا، وعارض
العرب فكرة الوطن القومي اليهودي، وخافوا أن تخطط بريطانيا لتسليم فلسطين
للصهاينة بعد أن سمحت بهجرة أعداد كبيرة منهم إلى فلسطين. وفي خلال هذه
الفترة، ظهرت أول حركة فلسطينية قومية عربية. وفي مناسبات كثيرة، قامت
المظاهرات والصدامات احتجاجًا من العرب على السياسة البريطانية والأنشطة
الصهيونية.
في مطلع الثلاثينيات من القرن العشرين الميلادي، جاء إلى
فلسطين حوالي100,000 مهاجر يهودي من ألمانيا النازية وبولندا.وهذه
الإجراءات أخافت عرب فلسطين. وقد نظم العرب إضرابًا عامًا شل الحياة في كل
فلسطين تقريبًا. واستمر 176 يومًا، وكان الأول من نوعه في العالم.
وفي عام 1939م /1/
أخذ
الإنجليز بكل عنف يجددون الهجرة اليهودية وامتلاك الأراضي من العائلات غير
الفلسطينية التي أحست بالهلع من جراء الاضطرابات فباعت أراضيها وهربت إلى
خارج فلسطين وذلك طوال السنوات الخمس التالية. كما امتلك اليهود أغلبية
الأراضي بمساعدة ـ المندوب السامي البريطاني اليهودي هربرت صمو ئيلالذي
استغل وجود قانون عثماني قديم بإعطاء الأرض التابعة للدولة لمن يستثمرها
فمنح لمعظم هذه الأراضي لليهود. لكنهم أقروا بأن الهجرة بعد ذلك سوف تعتمد
على موافقة العرب. انظر: الصهيونية.
الحرب العالمية الثانية وتقسيم
فلسطين.خلال الحرب العالمية الثانية (1939-1945م) انضم كثير من العرب
واليهود إلى قوات الحلفاء. وبعدها هاجر إلى فلسطين مئات الآلاف من اليهود
الأوروبيين.
وأوصت هيئة الأمم بتقسيم فلسطين إلى دولتين؛ عربية
ويهودية، وطلبت وضع القدس تحت الوصاية الدولية. وتبنت الجمعية العامة للأمم
المتحدة هذه الخطة في نوفمبر 1947م. وأصدرت قرارها في 29 نوفمبر1947م الذي
تضمن التوصية بتقسيم فلسطين وإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين ولكنها
تجاهلت بقرارها حق شعب فلسطين في تقرير مصيره، وأعطت اليهود 56%من أراضي
شعب فلسطين، في حين أنهم كانوا يمثلون فقط 5,6%من مجموع السكان قبل
التقسيم. وقبل اليهود بقرار الأمم المتحدة، لكن العرب رفضوه ونشب القتال في
الحال.
في 14 مايو1948م
أعلن اليهود قيام
دولتهم المستقلة،وانسحب البريطانيون من فلسطين. وفي اليوم التالي، قامت
الدول العربية المجاورة بمحاولة مساعدة أهل فلسطين في محنتهم ضد اليهود.
وعندما انتهى القتال في 1949م، ضمت إسرائيل مناطق تتجاوز الحدود التي
وضعتها الأمم المتحدة، أما بقية المنطقة التي خصصتها الأمم المتحدة للعرب
فقد أصبحت تحت إدارة كل من مصر والأردن. فوضعت مصر قطاع غزة تحت إدارتها
كما انضم الجزء الآخر (الضفة الغربية) إلى إمارة شرق الأردن، وتكوَّن من
ذلك المملكة الأردنية الهاشمية. وكانت النتيجة النهائية هي أن حوالي
700,000 من العرب طردوا من إسرائيل وأصبحوا لاجئين في الأقطار العربية
المجاورة.
في عام 1964م أسس الشعب الفلسطيني منظمة التحرير
الفلسطينية ممثلاً شرعيًا له من أجل تحرير فلسطين وإقامة الدولة الفلسطينية
المستقلة، وفي عام 1974م اعترفت الدول العربية بالمنظمة باعتبارها الممثل
الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني.
استمرار الصراع. أبرمت الأمم المتحدة سلسلة من اتفاقات إيقاف القتال بين العرب واليهود /2
عامي
1948م و1949م. ولكن لم يجر توقيع اتفاقية سلام فعّالة. واشتعلت الحرب على
نطاق واسع مرة أخرى عامي 1956 و1967م. وبعد انتهاء فترة قرار وقف إطلاق
النار الذي أصدرته الأمم المتحدة عام 1967م، كانت إسرائيل قد احتلّت الضفة
الغربية وقطاع غزة، وكذلك شبه جزيرة سيناء المصرية، ومرتفعات الجولان
السورية.
في عام 1973م
شنت مصر وسوريا الحرب ضد إسرائيل
انتهت بهزيمة إسرائيل وانتهت أسطورة الجيش الذي لا يقهر. وكانت حرب عام
1967م قد أدّت إلى وضع حوالي مليون عربي تحت الحكم الإسرائيلي، وبعد الحرب،
أصبح مصير الفلسطينيين هو المحور الذي يدور حوله الصراع العربي
الإسرائيلي. وأكدت منظمة التحرير في ميثاقها الوطني (1969م)،
التزامها
بتحرير جميع فلسطين. في عام 1978م وقعت مصر وإسرائيل اتفاقية كامب ديفيد
لتسوية النزاع بين البلدين، وانسحبت إسرائيل من شبه جزيرة سيناء. وتضمنت
الاتفاقية بنودًا تنص على إعطاء الحكم الذاتي للمقيمين في الضفة الغربية
وقطاع غزة بعد خمس سنوات، على أن يتبع ذلك قرار يتعلق بالوضع المقبل لهذه
المناطق. وقد انتقدت الدول العربية الأخرى هذه الاتفاقية بشدة. وفي عام
1987مانفجرت انتفاضة الحجارة لتكشف عنف وجبروت المؤسسة العسكرية
الإسرائيلية أمام الرأي العام العالمي، وتجسد الانتفاضة تكاتف الفصائل
السياسية والقوى الشعبية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال. اعترف منظمة
التحرير أخيرًا بحق إسرائيل في الوجود في فلسطين ودخلت معها في مفاوضات
بهدف التوصل لحل سلمي للنزاع القائم بينهما. تم توقيع اتفاق الحكم الذاتي
بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في 4 مايو 1994م بالقاهرة بشأن
إقامة حكم ذاتي للفلسطينيين في غزة وأريحا.وفي يوليو 1994م وصل ياسر عرفات
إلى غزة ليدير سلطة الحكم الذاتي الفلسطيني. وفي يناير 1996م، انتخب ياسر
عرفات رئيسًا للسلطة الفلسطينية، كما انتخب المجلس التشريعي الفلسطيني. حال
انتخاب بنيامين نتنياهو رئيسًا لوزراء إسرائيل في 29 مايو 1996م دون إكمال
عملية إعادة انتشار (انسحاب) القوات الإسرائيلية من أراض عربية فلسطينية
واسعة شملتها اتفاقيات السلام بسبب سياساته الاستيطانية المتشددة، وتعرقلت
عملية السلام في المنطقة برمتها.
في مايو 1999م
حصل مرشح
حزب العمل إيهود باراك على 56%من أصوات الناخبين وأصبح رئيساً للوزراء.
وفي سبتمبر من العام نفسه اتفق باراك مع الرئيس عرفات على عقد جولة مفاوضات
الحل النهائي. وفي يونيو 2000م، رعى الرئيس الأمريكي بيل كلنتو ن مفاوضات
شاقة للسلام بين الرئيسين عرفات وباراك في منتجع كامب ديفيد بالولايات
المتحدة الأمريكية. استغرقت المفاوضات أكثر من أسبوعين قدم خلالها الرئيس
كلنتون ورقة أمريكية قال إنها كفيلة بحل المشاكل كافة،لكنها كانت تمثل
الموقف الإسرائيلي تماماً.
انهارت المفاوضات للاختلاف الجوهري حول
ثلاث مسائل حيوية هي: القدس وعودة اللاجئين والأرض والحدود والأمن. فبينما
تمسك الجانب الفلسطيني بحق الفلسطينيين في السيادة على القدس بوصفها عاصمة
لدولتهم، لم يوافق الجانب الإسرائيلي إلا على إعطاء الفلسطينيين/3
سيادة اسمية على الحرم الشريف فقط. وأصر الفلسطينيون على مشروعية عودة
اللاجئين الفلسطينيين بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194،
إلا أن الإسرائيليين لم يوافقوا إلا على عودة بعض اللاجئين وفي الإطار
(الإنساني) الذي يهدف إلى لم شمل بعض الأسر الفلسطينية وبأعداد محدودة كل
عام. وطالب المفاوضون لفلسطينيون تطبيق البنود المتعلقة بالأرض والحدود
والأمن التي حددتها اتفاقية أوسلو، إلا أن الجانب الإسرائيلي عمد إلى
التسويف والتأجيل؛ فانهارت المفاوضات.أنحى الرئيس الأمريكي باللائمة على
الرئيس عرفات لأنه، حسب رأيه، كان وراء فشل المفاوضات لعدم مرونته.
في 28 سبتمبر2000
دنس
زعيم كتلة الليكود مجرم الحرب شارون الحرم الشريف بالمسجد الأقصى عندما
دخله مع ثلاثة آلاف من جنوده فانطلقت انتفاضة الأقصى. وجدت الانتفاضة دعماً
من جميع الدول العربية خاصة في اجتماع القمة العربية الطارئة التي عقدت
لهذا الغرض في أكتوبر 2000م. قدمت الانتفاضة مئات الشهداء، وبقي الشهيدان
محمد جمال الدرة، 10سنوات، وإيمان حجو، 4 أشهر، رمزاً لصمود الشعب العربي
الفلسطيني أمام وحشية لم يشهد التاريخ لها مثيلاً.
وفي فبراير 2001م
فاز
السفاح شارون في الانتخابات المبكرة،وأصبح رئيساً للوزراء ومضى في
محاولاته وقف الانتفاضة بمزيد من البطش وسفك الدماء. ردَّت المقاومة
الفلسطينية بقنابل بشرية إذ عمد بعض الاستشهاديين إلى نسف أنفسهم بمتفجرات
حملوها بين أجنبهم وسط المستوطنين والجنود اليهود. وانقسم الفلسطينيون
والعرب والمسلمون في النظر إلى هذه العمليات.فمنهم من قال بجوازها، ومنهم
من رأى ضرورة أن توجه هذه العمليات ضد الجنود اليهود والمنشآت العسكرية دون
المدنيين، ومنهم من أكد على عدم جدواها مطلقاً إذ لم تؤد إلى نتائج تفيد
القضية الفلسطينية، بل أضرت بها./4/