وَمَا يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
وَمَا
يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
أَبُوكَ
مَشَى عَلَى طُرُقٍ..
وَيَحْسَبُ
أَنَّهَا تَهْدِي إلى الْعَينِ الَّتي كَانَتْ عَلَى مَرْمًى مِنَ السُّقْيَا
لِيَغْرِفَ
مِنْ مَرَارَتِهَا أَغَانِيَ تَكْشِفُ الرُّؤْيَا
وَيَغْرِسَ
في شَغَافِ الأَرْضِ آيَاتٍ بِهَا الْعُتْبَى
عَسَى أَنْ
تُزْهِرَ الْبَسَمَاتُ في عَينٍ لَنَا رَمَدَتْ
وَمَا
يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
أَتَبْكِي
دَالِيَاتٍ في عَرَائِشِهَا؟
وَصَوتُ
الرِّيحِ تَزْفِرُ في الْمَرَاعِي وَالطُّيُورُ بَكَتْ عَلَى صَوتٍ
رَأَينَاهُ
عَلى خَدٍّ مِنَ الْمِلْحِ الْمُعَتَّقِ في الْفَوَاخِيرِ الَّّتي كُسِرَتْ
وَتَسْكُنُهَا
الْعَصَافِيرُ الّتي رَدَمُوا صَيَاصِيهَا
وَلَمْ
يَدْفَأْ لَهَا حِضْنٌ..
فَمَنْ
يُلْقِي لَها حَبَّ الطَّوَاحِينِ الّتي حُبِسَتْ؟
وَمَا
يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
أَحَارَتُنا
الّتي سَكَتَتْ بِهَا الأَعْرَاسُ وَانْكَفَأَتْ
تُعَبِّئُ
قَلْبَها وَجَلاً عَلى وَلَدٍ يُنَادِي حَائِرَاً أَبَتِي
وَحَنْجَرَةٌ
لَهُ مَجِلَتْ عَلى مَرْأَى مِنَ الدُّنْيَا الّتي صَمَتَتْ..
عَلى
حَبْسِ الْحُدُودِ وَفَرْحَةٍ سُرِقَتْ
وَمَا
يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
فَتِلْكَ
صَحَائِفُ الأَخْبَارِ أَلْقَتْ في مَرَاسِينَا صُخُورَ الْهَدْمِ..
يَومَ
أَتَتْ مَرَاكِبُهمْ تُزَخْرِفُ في جَرَائِدِهِمْ تَصَاوِيرَ الْحِكَاياتِ الّتي
رُسِمَتْ
عَلى
الْحِيطَانِ لَحْمَاً وَالْعِظَامُ بَدَتْ
وَمَا
يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
فَتَارِيخُ
الْجُدُودِ يُغَلِّقُ الأَبْوَابَ في وَجْهِ التَّضَارِيسِ الّتي نُحِتَتْ
بِحَدِّ
اللَّيلِ والْعَثَرَاتِ وَالْهَرْجِ الّذِي صَارَتْ لَهُ طُرُقٌ
وَفَتْوَى
مِنْ سَفِيهِ الْقَومِ لِلأَصْنَامِ..
كَيْ
تُلْقَى ذَبَائِحُهُمْ عَلَى النُّصُبِ الّتي رُفِعَتْ
وَمَا
يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
قَذَفْتَ
الصَّرْخَةَ الْبُرْكَانَ وَالْفَمُ كَانَ مَقْفُولاً بِأَيدٍ مِنْ دُرُوعِ
الْجَيشِ..
حَتَّى لا
تَقُولَ أَبِي
لَفِي
سِجْنٍ أَحَبُّ إِلَيهِ مِنْ عَلَمٍ يُرَفْرِفُ رِيحُهُ وَهْمَاً وَلَو عَبِقَتْ
وَمَا
يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
أَتَعْلَمُ
أَنَّهُمْ نَفَرُوا عَلَى الصَّرَخَاتِ وَالدَّمْعِ الّذِي خَلَعُوهُ مِنْ
عَينَيكَ..
حِينَ
تَلَتْ شِفَاهُ أَبِيكَ يَاوَلَدِي
وَيَعْلَمُ
أَنَّ فِيكَ رُجُولَةً تَطْفُو عَلَى سَطْحِ الْجَنَازِيرِ الّتي خَطِفَتْ
وَمَا
يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
فِإنْْ
فَرَضُوا عَلَيكَ رِهَانَهُمْ رَبِحُوا
وَإِنْ
عَلِمُوا بِأَنَّ أَبَاكَ لَمْ يَحْزَنْ عَلَى وَلَدٍ يَسُوقُ دُمُوعَهُ غَدَقَاً
فَقَدْ
يَأْتُونَ قَبْلَ بُلُوغِكَ الْحُلُمَ الّذِي سَرَقُوا طُفُولَتَهُ
فَلا
تَيأَسْ وَإِنْ حَفَرَتْ لَكَ الدُّنْيَا سَبِيلَ الْغَيِّ وَارْتَحَلَتْ
وَمَا
يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
أَجَارُ
الْحَيِّ لَمَّا أَشْغَلَ الأَنْفَاسَ تَبْحَثُ عَنْ رَغِيفِ الْخُبْزِ
بِالصَّمْتِ الْمُهِينِ..
فَيَمْتَطِي
أَعْنَاقَهُمْ فَرَقَاً؟
وَلَمْ
يَنْظُرْ إلى رَحِمٍ يَرَاهَا جَارَةً نَشَزَتْ
وَمَا
يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
فَطَمْتُكَ
مِنْ جُذُورِ اللَّوزِ وَالأَرْضِ الّتي حَبِلَتْ
بِأَلْغَامٍ
يُغَطِّيهَا تُرَابُ الْقَبْرِ تَنْثُرُهُ أَيَادٍ مِنْ قَرَابَتِنَا
فَلا
رُفِعَتْ لَهُمْ أَيدٍ وَلا حَفَلَتْ
وَمَا
يُبْكِيكَ يَا وَلَدِي؟
أَطِفْلٌ
أَنْتَ أَمْ جَبَلٌ؟
فَقُمْ
جَمِّدْ سَحَابَ الدَّمْعِ وَاقْذِفْهَا رَصَاصَاتٍ
وَدَوِّنْهَا
عَلى الْحِيطَانِ وَالطُّرُقَاتِ لِلآتِينَ حِينَ مَلامَةِ الشُّهَدَاءِ..
أَسْمِعْهمْ
بِمَنْ أََقْنَى مَعَاطِفَ جُنْدِهِمْ لَونَاً بِحَجْمِ الذُّلِّ..
َقَدْ
سَكَنُوا حَدِيدَاً في مَخَابِئِهِمْ
وَلَمْ
تَهْدَأْ لَهُمْ دَبَّابَةٌ يَومَاً أَوِ اسْتَحْيَتْ